انتقد الكاتب محمد المصري في مقاله بموقع ميدل إيست آي الطريقة التي تناول بها الإعلام الغربي عملية تبادل الأسرى الأخيرة بين إسرائيل وحركة حماس، معتبرًا أنها تجسد استمرار الانحياز الإعلامي لصالح إسرائيل على حساب الفلسطينيين. أوضح أن وسائل إعلام كبرى مثل بي بي سي، وواشنطن بوست، ونيويورك تايمز، ورويترز ركزت بصورة مكثفة على الرهائن الإسرائيليين المفرج عنهم، في حين همّشت معاناة الأسرى الفلسطينيين الذين عاشوا ظروفًا إنسانية قاسية داخل السجون الإسرائيلية.
ذكرت ميدل إيست آي أن هذا التباين في التغطية ليس جديدًا، بل يعكس نمطًا ممتدًا في الخطاب الغربي، حيث تُقدَّم القصص الإسرائيلية بشكل إنساني وعاطفي، بينما تُختزل الرواية الفلسطينية في أرقام وتقارير مقتضبة. فعلى سبيل المثال، خصصت وكالة الأنباء الفرنسية سبع تغريدات من أصل ثمانٍ للرهائن الإسرائيليين فقط، ونشرت رويترز معرض صور احتوى على ستٍ وثلاثين صورة، ظهر في معظمها الإسرائيليون وعائلاتهم، مقابل عدد ضئيل من الصور التي عرضت الفلسطينيين.
أضاف الكاتب أن شبكة سي إن إن استخدمت مصطلح "الرهائن" عند الحديث عن الإسرائيليين، لكنها وصفت الفلسطينيين بـ"السجناء" أو "المعتقلين"، ما يعكس ازدواجية لغوية تؤثر في الرأي العام العالمي. وأشار إلى أن القانون الدولي يعرّف "الرهينة" بأنه الشخص المحتجز للمساومة السياسية، وهو ما ينطبق أيضًا على آلاف الفلسطينيين الذين تعتقلهم إسرائيل بلا تهم واضحة وتستخدمهم كورقة ضغط في المفاوضات.
يرى المصري أن هذه الازدواجية لا تقتصر على اللغة، بل تمتد إلى بنية السرد الإعلامي ذاته، حيث تتصدر المعاناة الإسرائيلية المشهد الإخباري، بينما تُهمَّش الكارثة الإنسانية في غزة أو تُعرض خارج سياق الاحتلال والحصار الطويل. ويؤكد أن وسائل الإعلام الغربية نادرًا ما تذكر أن إسرائيل تحتجز أكثر من ستمئة جثمان لفلسطينيين قتلتهم ولم تسلمهم لعائلاتهم، وهو ما وصفته منظمة بتسيلم الإسرائيلية بأنه ممارسة ممنهجة لاستخدام الجثامين كورقة مساومة سياسية.
يتناول المقال أيضًا كيف تسمح إسرائيل للإسرائيليين بالاحتفال بعودة أسراهم بينما تمنع الفلسطينيين من التعبير عن الفرح، إذ أطلقت قواتها الغاز المسيل للدموع على عائلات فلسطينية كانت تنتظر أمام سجن عوفر في الضفة الغربية لاستقبال أبنائها المفرج عنهم. يشير الكاتب إلى أن هذا السلوك يكشف الفارق العميق في ميزان القوة، ومحاولة إسرائيل حتى التحكم في المشاعر الفلسطينية.
يؤكد المصري أن هذا الانحياز الإعلامي ليس مجرد مسألة أخلاقية، بل قضية سياسية تصنع الوعي الجمعي الغربي تجاه الصراع. فبحسب دراسات أكاديمية عديدة، استخدم الإعلام الغربي دائمًا أوصافًا قاسية عند الحديث عن الفلسطينيين، بينما يلطّف المصطلحات عندما يتعلق الأمر بإسرائيل. ونتيجة لذلك، يتكرس تصور يفصل بين "الضحية الإسرائيلية البريئة" و"الفلسطيني الخطر أو المذنب"، رغم واقع الاحتلال والقمع المستمر منذ عقود.
لكن الكاتب يرى أن المشهد الإعلامي بدأ يتغير. فشريحة واسعة من الجمهور الغربي، خصوصًا الشباب، لم تعد تثق في الروايات الرسمية أو في التغطيات التقليدية، وتتجه إلى المنصات المستقلة مثل تيك توك وإنستغرام للحصول على محتوى بديل يعكس وجهة النظر الفلسطينية. كما ظهرت احتجاجات داخل غرف الأخبار نفسها، حيث شهدت مؤسسات مثل نيويورك تايمز وبي بي سي تمردًا من صحفيين انتقدوا السياسات التحريرية المنحازة لإسرائيل.
يختتم محمد المصري مقاله بالدعوة إلى مراجعة شاملة داخل المؤسسات الإعلامية الغربية، معتبرًا أن الأزمة لم تعد تتعلق بالحياد الصحفي فقط، بل بمصداقية الصحافة ذاتها. فاستمرار التمييز بين دمٍ وآخر، وبين ألمٍ وآخر، يفرغ مفهوم الإنسانية من معناه، ويقوّض ثقة الجمهور في الإعلام. ويرى أن اللحظة الراهنة تتطلب شجاعة مهنية لمواجهة هذا الانحراف التاريخي وإعادة الاعتبار لعدالة السرد الإنساني في قضية فلسطين.
https://www.middleeasteye.net/opinion/captives-hostages-genocide-gaza-western-media-still-privilege-israeli-lives